لماذا يتعلم الناس العربية اليوم أكثر من أي وقت مضى؟

تمهيد
شهدت اللغة العربية منذ مطلع الألفية الجديدة زخماً ملحوظاً من غير الناطقين بها، امتدّ من شواطئ الولايات المتحدة وأوروبا الغربية كألمانيا وفرنسا، إلى أرجاء شرق آسيا في الصين وتركيا وروسيا، وهذا الاهتمام يعكس رغبة حقيقية في فهم ثقافة غنية، واستكشاف فرص اقتصادية، واكتساب معارف جديدة، والتواصل مع عالم مترابط بشكل مباشر وفعّال.

فاللغة العربية تحتل مكانة بارزة بين لغات العالم القديمة والحديثة بسبب عمرها الزمني وما تحمله من ثقل ثقافي وديني وفكري يمتد من الصحراء العربية إلى أرجاء المعمورة، فكل كلمة عربية تحمل صدى تاريخ طويل ومعنى متعدد الأبعاد، وتتيح تجربة معرفية وثقافية شاملة تتجاوز حدود التواصل اليومي لتشمل الفنون والأدب والسياسة والاقتصاد.

في هذا المقال نستعرض الأسباب الكامنة وراء هذا الإقبال المتزايد، ونوضح كيف أصبحت العربية جسراً بين الثقافات والشعوب، مقدمة فرصة لاكتساب معارف عميقة وفهم العالم من منظور جديد.

 

الأسباب الرئيسة للإقبال على العربية

 

 

الدين والثقافة:
إنّ العربية لغة القرآن الكريم والسنة النبوية، ما يجعلها أداة أساسية لفهم النصوص الإسلامية بدقة، وإتقانها يتيح للمتعلمين الاطلاع على التراث العربي الغني، من الأدب الكلاسيكي والشعر الملحمي إلى الفلسفة والتاريخ، ويمنحهم القدرة على ربط الماضي بالحاضر وفهم المجتمع العربي في أبعاده الثقافية والاجتماعية والفكرية، لتصبح دراسة اللغة تجربة معرفية متكاملة تتجاوز الكلمات إلى استيعاب القيم والتقاليد والأفكار التي ساهمت في تشكيل هوية الأمة العربية.

الأهمية الاقتصادية:
فمنطقة الشرق الأوسط تشكل محوراً استراتيجياً للموارد الطبيعية، وعلى رأسها النفط والغاز، وهذا يجعل اللغة العربية أداة مهمة للتفاعل مع الأسواق الإقليمية، لأنّ القدرة على التحدث بها تمنح المهنيين فرصة مباشرة للمشاركة في التجارة الدولية والعلاقات الدبلوماسية، وتمكنهم من فهم آليات الأعمال المحلية وشبكاتها الاجتماعية والثقافية، بما يعزز فرص النجاح في الأسواق العالمية واستثمار الفرص الاقتصادية بفعالية.

العالم المترابط:
إنّ التواصل مع الأسواق والفرص الاقتصادية مرتبط بشكل طبيعي بإمكانات الوصول إلى المجتمعات الناطقة بالعربية عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يسهّل التفاعل المباشر مع اللغة والثقافة، سواء من خلال الدراسة عن بعد أو أثناء السفر، ويجعل تجربة تعلم العربية واقعية وحية، تخرج من حدود الكتب والدروس التقليدية.

الأبعاد العالمية:
اللغة العربية إحدى اللغات الرسمية للأمم المتحدة، وتشكّل لغة مشتركة لملايين المسلمين حول العالم، وهذا يمنح المتحدث بها فرصة المشاركة في النقاشات الدولية وفهم الديناميات الاجتماعية والسياسية في المنطقة، ويدعم الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية، ليجعل اللغة أداة تواصل قوية بين شعوب مختلفة.

 

الإقبال على العربية في مؤشرات عالمية


_ في الولايات المتحدة: ارتفع عدد الطلاب الذين يدرسون العربية من 5,500 عام 1998 إلى أكثر من 35 ألف عام 2009، وفق دراسة جمعية اللغة الحديثة MLA، ما يجعل العربية واحدة من أسرع اللغات نمواً في الجامعات الأمريكية.

_ في الصين: يرتبط الاهتمام بالعربية بالبعد الاقتصادي، إذ أصبحت أداة حيوية للتواصل مع الأسواق العربية، مع فرص مهنية برواتب تفوق المتوسط المحلي خصوصاً في التجارة الدولية والاستثمار.

_ وفي أوروبا: تستقطب العربية المتعلمين من المسلمين وغير المسلمين على حد سواء، بما يسهم في الحفاظ على الهوية الثقافية وتمكين التواصل مع مجتمع متعدد الثقافات.

 

التحديات وسبل مواجهتها

رغم الإقبال الكبير، تواجه العربية تحديات مرتبطة بمحدودية الميزانيات، وتفاوت المناهج وأساليب التدريس، وتهميش البحث العلمي عنها في المؤسسات الغربية، إلى جانب الحاجة إلى أدوات تعليمية حديثة تواكب التطورات الرقمية.

ولمواجهة هذه العقبات يحتاج المتعلم إلى أدوات تعليمية دقيقة وسهلة الاستخدام، وتشجع على الممارسة اليومية للقراءة والكتابة والمحادثة والاستماع، مثل التطبيقات التي توفر تجربة تعليمية عملية وشاملة بطريقة طبيعية، تساعد المتعلم على التقدّم بثقة وفهم أعمق للغة والثقافة كتطبيق علمني العربية.

 

أخيراً

يعكس الإقبال المتزايد على تعلم اللغة العربية بين غير الناطقين بها تلاقي عوامل دينية وثقافية واقتصادية واجتماعية، إلى جانب التحديات التعليمية التي تستدعي اعتماد حلول مبتكرة وفعّالة، وتكتسب اللغة العربية اليوم أهمية استراتيجية، إذ تتيح للدارسين الوصول إلى فرص مهنية وتجارية متنوعة، وتمكنهم من التفاعل بفاعلية مع بيئة عالمية مترابطة.

ولضمان استمرار العربية لغة حية ومتجددة، يصبح من الضروري الجمع بين الابتكار التربوي والحفاظ على الهوية الثقافية، ما يجعل عملية تعلمها مساراً معرفياً ثرياً يوفر فرصاً متعددة للاكتشاف والفهم العميق للتراث والثقافة العربية.

 

تحرير: فريق علّمني العربية.

المراجع:

الإقبال على تعلم اللغة العربية

https://www.islamweb.net/ar/article/217630/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%82%D8%A8%D8%A7%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9

تلقين اللغة العربية وعلاقتها بالعلوم الحديثة

https://bfda.journals.ekb.eg/article_68078_a79f7e6d0950326783591cd67547552c.pdf

لماذا نتعلم لغات أخرى؟ محاضرات “تيد” تجيبك

https://www.aljazeera.net/midan/2017/9/11/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%86%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%85-%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D8%B1%D9%89-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B6%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%8A%D8%AF

اتجاهات حديثة في تعليم العربية لغة ثانية 

https://ali.ksu.edu.sa/sites/ali.ksu.edu.sa/files/attach/ep149.pdf

 

author avatar
breifiction

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *